موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية
التسلسل
حكم المسح على الجوربين
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد ...

ماهو حكم المسح على الجوارب بشكل عام والجوارب القماشية المعروفة حالياً بشكل خاص؟

الجواب:

اتفق الفقهاء على جواز المسح على الخفين المعروفين بشروطهما المذكورة ومن اتفاقهم على جواز المسح عليهما اتفقوا على جواز المسح على الجوربين اللذين حملا نفس شروط الخفين من كونهما مجلدين أو منعلين لكنهم اختلفوا فيما سوى ذلك من الجوربين العاديين بشروط نوردها لاحقاً

الأصل في المسألة :

الأصل فيها حديث المغيرة بن شعبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين) رواه الأربعة (أبو داوود والنسائي والترمذي وابن ماجه ) .

وهذا الحديث لم يصح بوجه عام بل وقع في تصحيحه خلاف فمن قائل به كالترمذي حيث قال عنه حسن صحيح ومن مضعف له كيحيى بن معين شيخ البخاري لأن في سنده الحصين وهو ضعيف (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (184/1)) .

ومن خلال الخلاف بين الأئمة بوجه عام على تصحيحه وقع الخلاف في جواز المسح على الجوربين، فمن رفض الحديث اعتمد على المسح على الخفين في إباحة المسح على الجوربين فقال لايجوز إلا إذا كان الجورب شبيها بالخف من كونه مجلد -أي من جلد- أو منعلاً-له نعل يتمكن الإنسان من السير به لمدة- ومن أخذ بتصحيح الحديث أجاز المسح على الجوربين ولو لم يكونا مجلدين أو منعلين لكن ...

ماصفة الجورب الذي كان يلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجعل من صفته شرطا لكل جورب يجوز المسح عليه أو يجوز إطلاق المسح على كل جورب ولو كان رقيقا بدعوى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين فاشترك الجورب الذي مسح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجورب الرقيق في الاسم فقط هل الاشتراك في الاسم يعطي نفس الحكم أم لابد من الاشتراك في المسمى أيضا . لدينا في قواعد الفقه قاعدة عامة معتمدة ( لاعبرة بتغير الاسماء إنما العبرة بوصف المسميات ).

مثال ذلك : هل يصح القول بحرمة الحرير الصناعي بدعوى اشتراكه مع الحرير الطبيعي في الاسم لن الحرير الطبيعي حرام ولو تغير اسمه في زمن ما أو مكان ما إلى اسم ما وكذلك لايصح القول بإطلاق المسح على كل جورب لأنه يسمى جورب.

ومن أجل ذلك نظر العلماء في شروط الجورب الذي مسح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لهم هذه الأقوال.

الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي والإمام مالك لم يصح عندهم الحديث فقالوا بجواز المسح إن شابه الخف وكان لهم هذه الشروط:

الإمام أبو حنيفة رحمه الله قال لايجوز المسح على الجوربين إلا إذا كانا مجلدين او منعلين لأن الجورب ليس في معنى الخف ولايمكن مواظبة المشي فيه إلا إذا كان منعلاً.

الإمام الشافعي رحمه الله اشترط له شروط :

أن يكون صفيقاً - أي ثخيناً - لايشف .

أن يكون منعلاً .

إمكان متابعة المشي فيه .

فإن اختل أحد هذه الشروط لم يجز المسح عليه لأنه لايكن متابعة المشي عليه حينئذ كالخرقة .

الإمام مالك رحمه الله اشترط أن يكون الجوربان مجلدين ظاهرهما وباطنهما حتى يتمكن من المشي بهما فيصيران مثل الخف.

الإمام أبو يوسف والإمام محمد صاحبا الإمام أبي حنيفة والإمام أحمد هم الذين قالوا بصحة الحديث واخذوا بجواز المسح على الجوربين من الحديث - لا من شبهه بالخف كما قال أهل المذهب الأول- لكن من نظرهم في صفة جورب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لهم هذه الشروط :

الإمام أبو يوسف والإمام محمد : يجوز المسح على الجوربين إذا كانا ثخينين لايشفان (لايرى ما ورائهما ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ولأنه يمكن المشي بهما إذا كانا ثخينين كجوارب الصوف اليوم:

فشروطه اليوم عند الصاحبين أربعة :

صفيقان لايشفان

يثبتان على الساق بنفسهما

لايشفان الماء

يمكن متابعة السير بهما فرسخاً كاملا

خلاصة مذهب الحنفية

أن يكونا مجلدين ومنعلين يجوز عند الإمام والصاحبين.

لايجوز عند الجميع أن لايكونا مجلدين ولامنعلين و أن يكونا رقيقين ترى الرجل منهما ويدخلان الماء.

أن لايكونا مجلدين ولامنعلين ولكنهما ثخينان لايدخلان الماء - الشروط السابقة - يجوز عند الصاحبين ولايجوز عند الإمام وروي رجوع الإمام عن اشتراطه السابق إلى قول الصاحبين.

الإمام أحمد : أخف المذاهب على الإطلاق ولكن هناك شروط :

أن يكون ثخينا لايبدو منه شيء من القدم.

أن يمكن متابعة المشي فيه أي لمدة فرسخ. كما ذكرنا وفي الشارع لافي منزل أو جامع وأن يستمسك على الرجل بنفسه من ثخانته

مما سبق نرى ان أخف المذاهب تشترط أن يكونا صفيقين لايشفان وليس على كل جورب.



المصادر والمراجع :

الحنفية : ابن عابدين (284/1) فتح القدير (108/1) مراقي الفلاح (21)

الشافعية : المغني المحتاج (66/1) المجموع (539/1) المهذب (21/1)

المالكية : الشرح الكبير على متن سيدي خليل (142/1)

الحنابلة : المغني (292/1) كشاف القناع (130/1)